و لقدم هذه الصنائع ينسبها العامة إلى ادريس عليه السلام و هو أقدم الأنبياء. و هذه الصناعة مختصة بالعمران الحضري لما أن أهل البدو يستغنون عنها و إنما يشتملون الأثواب اشتمالاً. و هي مختصة بالنساء في غالب الأمر لما أنهن الظاهرات بعضهن على عورات بعض. سبحانك ما أرفقك بعبادك و أرحمك بهم في طلب هدايتهم إليك. لقد سمعت صرخاتها، وهنا هزني اليأس حين فكرت أن ما سمعته كان صرخة الموت. و كذلك ما يعرض للمولود مدة الرضاع من أدواء في بدنه إلى حين الفصال نجدهن أبصر بها من الطبيب الماهر. ثم حكى سبحانه أمر الملائكة لهم على سبيل التهكم والتوبيخ حين بسط أيديهم لقبض أرواحهم. ثم تداوي النفساء بعد ذلك من الوهن الذي أصابها بالطلق و ما لحق رحمها من ألم الانفصال، إذ المولود إن لم يكن عضواً طبيعياً فحالة التكوين في الرحم صيرته بالالتحام كالعضو المتصل فلذلك كان في انفصاله ألم يقرب من ألم القطع. و هي صناعة يعرف بها العمل في استخراج المولود الآدمي من بطن أمه من الرفق في إخراجه من رحمها و تهيئة أسباب ذلك. و تلك الوصلة عضو فضلي لتغذية المولود خاصة فتقطعها القابلة من حيث لا تتعدى مكان الفضلة و لا تضر بمعاه و لا برحم أمه ثم تدمل مكان الجراحة منه بالكي أو بما تراه من وجوه الاندمال.

و كان جزاؤه إن تم له إخلاصه في ذلك أن يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه. وربما كانت هذه المواد مواداً مطيّفة بنواحي المعدة والأمعاء وربما فعلت مغصاً دائماً لأن الحرارة الغير المستعلية فعلت فيها تحليلاً ضعيفاً أحالها رياحاً وخصوصاً إذا كانت المعدة باردة رطبة فلم تهيئ لهضم الكبد ثم كان في الكبد حرارة ما تحاول أن تهضم شيئاً لم يعدّ بعد لهضمها. ثم ما يصلحه بعد الخروج على ما نذكر. و الصناعة الثانية لتقدير المنسوجات على اختلاف الأشكال و العوائد، تفصل بالمقراض قطعاً مناسبة للأعضاء البدنية ثم تلحم تلك القطع بالخياطة المحكمة وصلاً أو تنبيتاً أو تفسحاً على حسب نوع الصناعة. فإن كانوا بادية اقتصروا عليه، و إن قالوا إلى الحضارة فصلوا تلك المنسوجة قطعاً يقدرون منها ثوباً على البدن بشكله و تعدد أعضائه و اخ